مرشح؟ إتصل بنا
داخل التيار pocket hunting

داخل التيار pocket hunting

يحتفل التيار الوطني الحر بذكرى انقلب عليها انقلابا جذريا وكاملا، ذكرى 14 آذار، فما تحمله هذه الذكرى هو مناقض تماما لسياسة التيار ومن دون أي شك.

سيادة حرية استقلال، شعار رفعه كل المشاركين في تظاهرة 14 آذار ومنهم العونيون وقتها.

السيادة، تخلوا عنها: فهم حلفاء السياسة والمال للميليشيا المسلحة الوحيدة في البلد، والتي يغتصب سلاحها سيادة الدولة على كامل أراضيها ومؤسساتها.

الحرية، تخلوا عنها أيضا، فهم لا قرارهم حر ولا سياستهم ومخططاتهم حرة، هم شركاء حزب الله المرهون لايران، وحتى أن شراكتهم معه غير متوازية. هو يرسم الخطط على المدى الطويل وهم يعملون داخل هذا الاطار.

فالحزب مثلا عمل منذ 14 آذار 2005 على إعادة سوريا إلى لبنان وها هم يطالبون اليوم بتطبيع العلاقات مع النظام الذي قتل ودمر ويعتقل آلاف اللبنانيين حتى الآن، دون ايجاد حل لأزمات الماضي.

أما الاستقلال فطبعا منقوص، لكل الأسباب السابقة ناهيك عن الارتهان للمال والسلطة التي ظهرت في السنوات العشر الاخيرة والتي  لم نرَ مثيلا لها في لبنان.

 

ولكن إذا ابتعدنا عن التنظير السياسي، يستوقفك هذا العام مشهد غريب عجيب، قد لا يكون الملام عليه مهندسه بقدر ما يكون الملام عليها من سيتجاوب معه.

اذ من المتوقع ان ينظم التيار الوطني الحر عشاء للاحتفال بذكرى 14 آذار،التي لم يبقَ منها شيء، أما مفاجأة العشاء فهي أسعار البطاقات.

من الطبيعي أن تكون أسعار البطاقات  في عشاء من هذا النوع مرتفعة بعض الشيء، إذ أغلب الحضور هو من المناصرين والحزبيين، ومشاركتهم في العشاء تكون بمثابة مساهمة مالية للتيار، لكن أن يُحدد سعر الطاولة حسب قربها من طاولة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فهو أمر غير مألوف.

أي إذا أردت ان تتناول العشاء على طاولة قريبة من تلك التي سيجلس عليها باسيل فعليك أن تدفع 25 ألف دولار للطاولة، وكلما ابتعد عن شمس التيار، كلما انخفض سعر الطاولة إلى 15 و 10 و 5 إلى 3 آلاف دولار وهو السعر الادنى للطاولة الواحدة.

وهنا تحضر الى الاذهان أسئلة عديدة:

أولا، هل المقصود من ذلك العشاء فرز المنتسبين والمناصرين من الغني إلى الفقير، ليتمكن رئيس التيار من توطيد العلاقة مع الميسورين منهم، كما فعل في جولاته المكوكية طيلة الصيف الماضي عندما التقى المغتربين اللبنانيين وحاول التقرب من الاغنى منهم؟

ثانيا، ألم يكن نواب التيار أول من نادى خلال جلسات الثقة، بضرورة تحسين معيشة اللبنانيين الذين يعانون من الفقر ومن الحرمان، مع تعذر تأمين متطلبات الحياة الاساسية بسهولة، فكيف ينظم التيار عشاء باهظ الثمن؟

ثالثا، أليست الاحزاب والتيارات السياسية نواة العمل السياسي في الاوطان ومنها ينبثق المفكرون والمنظرون ومهندسو الحياة السياسية العامة، وهل هذا العمل السياسي محصور بذوي الثروات؟

 

أما السؤال الاكبر والاهم، من هو هذا المناصر أو الحزبي الذي سيقبل ان يُسلب ماله مقابل ان يجلس في مدار جبران لساعات قليلة قد لا تتخطى أصابع اليد الواحدة وما الذي سيجنيه المتموّلون بالمقابل ممن يديرون السلطة اليوم؟

 

قد يسمح جبران لنفسه ان يجر الحياة السياسية إلى هذا الدَرك المريب لمصالح سياسية سلطوية، ولكن لماذا يقبل لبناني "ينقّ" طيلة النهار "انو البلد مش زابط"  بان يدفع من جيبه الخاص ثمن دوس كرامته وهدر حقوقه؟

"الحق مش عليهن، الحق علينا"